“ما بين عهد التّميمي ومروة عرفة.. الاحتلال والدّيكتاتورية وجهان لعملة قمع واحدة”

لا تختلف أدوات سيطرة الاحتلال على الشّعوب عن الأنظمة الدّيكاتورية في شيئ، حيث أن أول وأهم أدواتهم لإحكام قبضتهم على الحكم. هي قمع المواطنين/ات من أصحاب الأرض أو المعارضين/ات، فإمّا الخضوع والتّسليم بكل ما يملى عليهم/هن دون الالتفات لحقوهم/هن وإلّا فتكميم أفواههم/هن، ومصادرة حريّاتهم/هن وأعمارهم/هن، كل شيئ جائز في سبيل إحكام السّيطرة على السّلطة.

“عهد التّميمي” السّيدة الفلسطينية صاحبة الـ22 عاماً، والتي برز اسمها في ساحات النّضال الفلسطيني ضدّ المحتل، والدفاع عن قريتها “قرية النّبي صالح” في الضّفة الغربية، وعائلتها أمام عمليات الاستيطان ومحاولات القبض عليهم/هن منذ أن كانت في الحادية عشر، عندما تصدّت لجنود الاحتلال أثناء محاولتهم الاعتداء عليها ووالدتها في مظاهرة مناهضة للاستيطان، لتعود قوّات الاحتلال للقبض عليها في عمر السادسة عشر من منزلها بعد صفعها جنديين إسرائيليين أيضاً في محاولة جديدة منها للتصدي لعدوانهم، لتقضي إثر ذلك 8 أشهر في السّجون الإسرائيلية. 

لم تتوقف سلطات الاحتلال منذ ذلك الحين عن التّنكيل بعهد وأسرتها حيث عادت للقبض عليها في أوائل نوفمبر 2023 ضمن عمليّات الاعتقال الموسّعة الممارسة بحق الفلسطينيين/ات إثر عملية “طوفان الأقصى”، بدعوى الاشتباه في تحريضها على العنف والإرهاب، بعد كتابة منشور على إحدى منصّات التّواصل الاجتماعي نفت عائلتها نسبته إليها، لكن هيهات وأنّى للمحتل أن يترك فرصة للقبض على عهد وغيرها في مواطن عدة دون أن يفعل. 

بعد حوالي شهر من التّنكيل والتّهديد بقتل والدها.. في النّهاية حررت عهد ضمن صفقة تبادل الأسرى في أواخر نوفمبر الماضي، لتعود إلى منزلها وعائلتها وممارسةً لحياتها الطّبيعية.

في جهة أخرى في ظل حكمٍ ديكتاتوري لا يأبه للحقوق ولا الأعمار، ينكّل بكل من يعارضه أو تسوّل له نفسه بالمطالبة بحق من حقوقه التي كفلها الدستور .

“مروة عرفة” سيدة مصرية تبلغ من العمر حوالي 30 عاماً، أُلقي القبض عليها في 20 أبريل 2020 في عمر الـ27 وهي أم لطفلة كانت تبلغ حينها 21 شهراً، لتجد نفسها في قبضة رجال الأمن الوطني معرّضة للاختفاء القسري لأكثر من 10 أيام لتظهر بعدها أمام نيابة أمن الدولة العليا مواجهة بتهم أبرزها: الانضمام لجماعة إرهابية، وارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب.

أكملت السّيدة مروة أكثر من 3 أعوام قيد الحبس الاحتياطي، ولا زالت داخل السجن مجاوزة بذلك المدّة القانونية المقررة للحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية المصري.

لم تتوقف معاناة السّيدة مروة عند ترويع ابنتها الرّضيعة أثناء القبض عليها وحرمانها منها، لتجبر على الفطام القسري، ولا الإخفاء القسري في مقرّات الأمن الوطني، ولا أيضاً قبوعها في غياهب دوّامة حبسٍ احتياطيّ لا تنتهي، بل امتدّت لتعاني داخل محبسها من الإهمال الطبّي المتعمّد، والذي نتج عنه إصابتها بأمراض الالتهاب الرّئوي والارتجاع المرّيئي، وحرمانها الجزئّي من الزيارة الأسبوعيّة المقررة لها لتقتصر فقط على مرّة واحدة شهرياً لا تتعدى ال20 دقيقة.

في الوقت الذي اضطرّت فيه السّلطات الإسرائيلية إلى الإفراج عن السّيدة “عهد التّميمي” لازالت السّلطات المصريّة تبقي على السّيدة “مروة عرفة” في قبضة الحبس الاحتياطي دون أي سندٍ قانوني، بعيدة عن ابنتها التي حرمت منها رضيعة، ومتروكةً تعاني مصيراً مجهولاً من الحبس الاحتياطي وغيره.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts
×

Hello!

Click one of our contacts below to chat on WhatsApp

×