ما بين نساء العرب في مصر وفلسطين، كثير من المعاناة والتّنكيل تسببت بها الأنظمة لهنّ، سواء المصريّة أو سلطات الاحتلال الإسرائيلية، في ظاهرة إجرامية لم تنفرد بها إسرائيل فقط بل امتدّت لتكون منهاجاً للأنظمة القمعية العربية.
“إسراء جعابيص” الأسيرة المحررة في طوفان الأقصى، سيّدة فلسطينية مقدسيّة بدأت معاناتها في 11 أكتوبر 2018، عندما قامت قوّات الجيش الإسرائيلي بإلقاء القبض عليها إثر انفجار البالون الهوائي الخاص بسيّارتها قرب حاجز “الزعيم العسكري”، والذي تسبب بحروق طالت مختلف أنحاء جسدها. حيث هرع الجنود الإسرائيليون إليها وأشهروا أسلحتهم بوجهها، إضافة لمطالبتها بإلقاء السّكين -الذي لم يكن بحوزتها- ليتم إلقاء القبض عليها ونقلها إلى أحد المشافي الإسرائيلية، فقط للإبقاء على حياتها دون تقديم العلاج اللازم لها، لتجري بعد ذلك محاكمتها بتهم ملفّقة على مدار 3 سنوات، واجهت على إثرها حكماً بالسّجن 11 عاما، كانت الحروق قد نالت 50% من جسدها، ظهرت حينها في إحدى جلسات محاكمتها بوجه مشوّه بالكامل وأصابع يدين مبتورة، متحدثة عن ألمها الشديد وعدم تقديم الرعاية الصحية لها مما تسبب في تدهور شديد بحالتها على مدار 8 سنوات كاملة قضتها في السّجون الإسرائيلية، لم تتوقف معاناة إسراء إلا بعد 8 سنوات من التّنكيل في صفقة تحرير طوفان الأقصى، خرجت إسراء فيها لتبدأ رحلة علاجها…
“عائشة الشاطر” السيّدة المصريّة التي لم يكن لها ذنب سوى أنها ابنة خيرت الشاطر أحد أبرز قيادات الإخوان في مصر، لم تنته معاناتها التي بدأت قبل 5 سنوات في 31 أكتوبر 2018، عندما قامت قوّات الأمن الوطني باقتحام منزلها والقبض عليها، لتختفي قسرياً 21 يوماً في مقرّات احتجاز الأمن الوطني، تعرّضت خلالهم وبشكلٍ مستمر لأنواع شتّى من أشكال التّعذيب، بداية بسوء المعاملة، السّب والشّتم، ووضع غمامة على عينيها بشكلٍ دائم، وصولاً إلى الضّرب المبرح والصّعق بالكهرباء وتعرية الجسد والتهديد بالاغتصاب.
ظهرت بعد ذلك في 21 نوفمبر 2018 أمام نيابة أمن الدّولة العليا متهمة في القضيّة المعروفة إعلاميّاً بـ”قضيّة التّنسيقيّة”، والتي حكم عليها فيها بالسّجن المشدّد مدّة 10 سنوات والمراقبة لـ5 سنوات إضافيّة في محاكمة استمرّت قرابة الـ5 سنوات، ظهرت خلالها عائشة هزيلة شاحبة لا تقوى على الوقوف، حيث لم تتوقف معاناتها عند ظهورها أمام نيابة أمن الدّولة، فقد احتجزت تحت ظروف لا آدمية أدت إلى إصابتها في بداية حبسها بمرض مناعي نادر “فقر الدّم اللّاتنسجي” توقف على إثره جسدها عن إنتاج القدر الكافي من خلايا الدّم الجديدة.
تدهورت حالتها الصّحية بشدّة خاصّة بعد تعنت السّلطات المصريّة في تقديم العلاج اللّازم لها، حتى أصيبت بنزيف حاد يصعب السيطرة عليه، اضطرّت على إثره السّلطات المصريّة إلى نقلها لمستشفى القصر العيني حيث عولجت بنقل الصفائح الدّمويّة، لكن دون الاستمرار في تقديم الرّعاية اللازمة لحالتها والتي تتطلب علاجًا متخصّصاً ومكثّفاً ومستمراً في مرفق طبيّ مجهّز بشكل مناسب.
لم يقف الأمر حدّ ذلك،فقد عانت أيضاً من مشكلة في النّخاع الشوكيّ قد تؤدي إلى مضاعفاتٍ خطيرة مثل فشل نخاع العظام.
في الوقت الذي اضطرّرت فيه إسرائيل للإفراج عن السّيدة “إسراء جعابيص” لازالت السّيدة “عائشة الشّاطر” تعاني من الحبس الانفرادي والمنع التّام من الزيارة ومن رؤية ذويها واستمرار سجنها على الرّغم من تدهور حالتها الصحيّة.