مقدمة
لا يزال آلاف من المعتقلين والمعتقلات على خلفية سياسية في السجون رهن الحبس المطوّل والحرمان الممنهج من الحقوق التي أقرها الدستور المصري والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر. وإن كان ذلك مثيرًا للفزع، لحجم القمع ومساحة الانتهاكات والتضييق المتزايد، إلا أن هناك ما يثير المزيد من القلق، إذا أصبحت حياة المسجونين السياسيين، بعد حريتهم وحقوقهم المهدورة، رهينة هي الأخرى.
وقد ازدادت حدة القلق إزاء الشكاوى المتزايدة من الإهمال الطبي للمسجونين والمسجونات، حيث صدر عدد من التقارير ونادت العديد من المنظمات بالانتباه إلى الحالة الصحية لهم خصوصًا للحالات الحرجة منهم، والتي يمكن أن يؤدي استمرار إهمالها إلى الموت، وهو ما حدث بالفعل في حالتي مصطفى قاسم ومريم سالم. وتزايدت أعداد حالات الموت بسبب الحرمان الصحي في السجون المصرية ليصبح أداة عقاب جديدة بالقتل البطئ لعدد كبير ممن اختصمتهم سابقًا في ممارسة السياسة والحرية، وتحرمهم حاليًا الحق في الحياة.
في يوم المرأة العالمي، يكون السؤال مشروعًا حول ما جنته المرأة المصرية من احتفاء بالغ في إعلام السلطة والخطابات الرسمية عن عام المرأة. في السنوات الأخيرة تراكمت الانتهاكات ضد السيدات، خصوصًا عقب تظاهرات 20 سبتمبر، التي رصد مركز بلادي فيها كيف استخدم النظام القوة لترهيب المجال العام، مما نتج عنه آلاف من المعتقلين والمعتقلات، وقد تنوعت ضحايا النساء في هذه الحملة من طفلة ذات 14 عامًا، إلى سيدة تبلغ 72 عامًا، في قبضة لم ينفد منها المرضى منهن والحوامل وذوات الاحتياجات الخاصة.
الإهمال الطبي المتعمد جريمة لا تسقط بالتقادم
في المادة 18، نص الدستور المصري على أن “لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة”، كما نص في المادة 55 على أن “كل من يقبض عليه أو يحبس، أو تقيد حريته، تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًا وصحيًا”.
وإلى جانب تشديد الدستور الوطني على كرامة المواطن وصحته، تؤكد المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر على القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، التي أقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة عام 1957 والمسماة بقواعد نيلسون مانديلا، عدد من المواد التي تحفظ حق السجين في الصحة والعلاج وسلامة الجسد من خلال آليات محددة، نورد منها المواد التالية :
22. (1) يجب أن توفر في كل سجن خدمات طبيب مؤهل واحد على الأقل، يكون على بعض الإلمام بالطب النفسي. وينبغي أن يتم تنظيم الخدمات الطبية على نحو وثيق الصلة بإدارة الصحة العامة المحلية أو الوطنية. كما يجب أن تشتمل على فرع للطب النفسي تشخيص بغية حالات الشذوذ العقلي وعلاجها عند الضرورة.
(2) أما السجناء الذين يتطلبون عناية متخصصة فينقلون إلى سجون متخصصة أو إلى مستشفيات مدنية. ومن الواجب، حين تتوفر في السجن خدمات العلاج التي تقدمها المستشفيات، أن تكون معداتها وأدواتها والمنتجات الصيدلانية التي تزود بها وافية بغرض توفير الرعاية والمعالجة الطبية اللازمة للسجناء المرضي، وأن تضم جهازا من الموظفين ذوي التأهيل المهني المناسب.
(3) يجب أن يكون في وسع كل سجين أن يستعين بخدمات طبيب أسنان مؤهل.
24. يقوم الطبيب بفحص كل سجين في أقرب وقت ممكن بعد دخوله السجن، ثم بفحصه بعد ذلك كلما اقتضت الضرورة، وخصوصا بغية اكتشاف أي مرض جسدي أو عقلي يمكن أن يكون مصابا به واتخاذ جميع التدابير الضرورية لعلاجه، وعزل السجناء الذين يشك في كونهم مصابين بأمراض معدية أو سارية، واستبانه جوانب القصور الجسدية أو العقلية التي يمكن أن تشكل عائقا دون إعادة التأهيل، والبت في الطاقة البدنية على العمل لدى كل سجين.
25. (1) يكلف الطبيب بمراقبة الصحة البدنية والعقلية للمرضى، وعليه أن يقابل يوميا جميع السجناء المرضي. وجميع أولئك الذين يشكون من اعتلال، وأي سجين استرعى انتباهه إليه على وجه خاص.
(2) على الطبيب أن يقدم تقريرا إلى المدير كلما بدا له أن الصحة الجسدية أو العقلية لسجين ما قد تضررت أو ستتضرر من جراء استمرار سجنه أو من جراء أي ظرف من ظروف هذا السجن.
26. (1) على الطبيب أن يقوم بصورة منتظمة بمعاينة الجوانب التالية وأن يقدم النصح إلى المدير بشأنها:
(أ) كمية الغذاء ونوعيته وإعداده،
(ب) مدى إتباع القواعد الصحية والنظافة في السجن ولدى السجناء،
(ج) حالة المرافق الصحية والتدفئة والإضاءة والتهوية في السجن،
(د) نوعية ونظافة ملابس السجناء ولوازم أسرتهم،
(هـ) مدى التقيد بالقواعد المتعلقة بالتربية البدنية والرياضية، حين يكون منظمو هذه الأنظمة غير متخصصين.
(2) يضع المدير في اعتباره التقارير والنصائح التي يقدمها له الطبيب عملا بأحكام المادتين 25 (2) و 26، فإذا التقى معه في الرأي عمد فورا إلى اتخاذ التدابير اللازمة لوضع هذه التوصيات موضع التنفيذ. أما إذا لم يوافقه على رأيه أو كانت التوصيات المقترحة خارج نطاق اختصاصه فعليه أن يقدم فورا تقريرا برأيه الشخصي، مرفقا بآراء الطبيب، إلى سلطة أعلى.
يعترف قانون تنظيم السجون أيضًا بحق السجناء في الرعاية الطبية؛
أقر قانون تنظيم السجون بأن يكون في كل ليمان أو سجن مركزي طبيب أو أكثر أحدهم مقيم تناط به الأعمال الصحية وفقًا لما تحدده اللائحة الداخلية، ويكون للسجن المركزي طبيب فإذا لم يعين له طبيب كلف أحد الأطباء الحكوميين أداء الأعمال المنوطة بطبيب السجن.
طبيب السجن طبقًا للقانون مسؤول عن الإجراءات الصحية التي تكفل سلامة وصحة المسجونين، وعلى الأخص وقايتهم من الأمراض الوبائية، ومراقبة صلاحية الأغذية والملابس والمفروشات المخصصة للمسجونين وكفايتها، وملاحظة نظافة الورش وعنابر النوم وجميع أمكنة السجن. وإذا تغيب طبيب السجن يخطر مدير السجن أو مأموره مصلحة السجون لاتخاذ اللازم نحو انتداب أحد أطباء وزارة الصحة للقيام بالأعمال بدلًا منه، ويجوز له استدعاء طبيب وزارة الصحة مباشرة في الأحوال ً المستعجلة على أن يبلغ ذلك لمصلحة السجون.
ويجب على طبيب السجن أن يتفقده مرة على الأقل يوميّا، ولا يكلف بالحضور إلى السجن في أيام العطلات الرسمية إلا في الحالات الطارئة المستعجلة. ويجب على طبيب السجن أيضًا أن يكشف على كل مسجون فور إيداعه السجن، على ألا يتأخر ذلك عن صباح اليوم التالي وأن يثبت حالته الصحية والعمل الذي يستطيع القيام به، كما يجب عليه عيادة المسجونين المرضى يوميا وعيادة كل مسجون يشكو المرض. وطبيب السجن هو المسئول باتخاذ أمر نقل المريض إلى مستشفى السجن، كما يجب عليه أن يزور كل مسجون محبوس حبسًا انفراديا بشكل يومي.
وتنص المادة 36 من القانون على أن كل محكوم عليه يتبين لطبيب السجن أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزًا كليّا يعرض أمره على مدير القسم الطبي للسجون لفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في الإفراج عنه، وينفذ قرار الإفراج بعد اعتماده من مدير عام السجون وموافقة النائب العام وتخطر بذلك جهة الإدارة والنيابة المختصة. ويتعين على جهة الإدارة التي يطلب المفرج عنه الإقامة في دائرتها عرضه على طبيب الصحة لتوقيع الكشف الطبي عليه كل ستة أشهر، وتقديم تقرير عن حالته يرسل إلى مصلحة السجون لتتبين حالته الصحية، توطئة لإلغاء أمر الإفراج عنه إذا اقتضى الحال ذلك.
يجوز لمدير عام السجون ندب مدير قسم طب السجون والطبيب الشرعي للكشف على المفرج عنه لتقرير حالته الصحية كلما رؤي ذلك، ويعاد المسجون الذي أفرج عنه طبقًا لما سبق إلى السجن لاستيفاء العقوبة المحكوم بها عليه بأمرٍ من النائب العام إذا تبين من إعادة الفحص التي يجريها الطبيبان المذكوران أن الأسباب الصحية التي دعت إلى هذا الإفراج قد زالت. ويجوز إعادة المسجون أيضًا بأمرٍ من النائب العام إذا غير محل إقامته دون إخطار الجهة الإدارية التي يقيم في دائرتها، وتستنزل المدة التي يقضيها المريض المفرج عنه خارج السجن من مدة العقوبة. وجاء بالمادة 37 أنه إذا بلغت حالة المسجون المريض درجة الخطورة يجب على إدارة السجن أن تبادر إلى إبلاغ جهة الإدارة التي يقيم في دائرتها أهله لإخطارهم بذلك فورًا ويؤذن لهم بزيارته.
كما تنظم لائحة السجون – حسب القانون – تنفيذ هذه المواد وغيرها مما يتعلق بالرعاية الطبية للسجناء.
تنص اللائحة أنه على طبيب السجن أن يقوم بتطعيم المسجونين عند إيداعهم السجن ضد الجدري والتيفود. وإذا تبين للطبيب أن هناك ضررًا على صحة أي مسجون من جراء المدة التي يقضيها في الحبس الانفرادي أو في العمل أو من جراء نوع العمل ذاته وجب عليه أن يبلغ مدير السجن أو مأموره كتابة بما يشير به من وسائل لدرء هذا الضرر، وعلى المدير أو المأمور تنفيذ ما يشير به الطبيب فيما يختص بتعديل معاملة أو غذاء مسجون وفق ما تستدعيه حالته الصحية. وفي حال تحفظ مدير السجن على التوصيات التي انتهى إليها الطبيب، فإنه يرفع الأمر إلى إدارة الخدمات الطبية بالسجون لتشكيل لجنة للنظر فيما قرره طبيب السجن.
القانون يرحم العجائز، فعلى الطبيب أيضًا أن يبلغ مأمور الليمان بأسماء المسجونين الذين بلغوا سن الستين لعرضهم على مدير القسم الطبي للسجون لاعتماد تقدير سنهم توطئة لنقلهم إلى سجن عمومي، ويحرر الطبيب تقريرًا طبيّا عن إصابة أي مسجون سواء عرض عليه المسجون عن طريق إدارة السجن أو شاهد الإصابة بنفسه في العيادة أو أثناء مروره على المسجونين. وعلى الطبيب أن يكشف على كل مسجون قبل نقله إلى سجن آخر، ولا يتم النقل قبل إقرار الطبيب بخلو المسجون من كل مرض يحول دون نقله أو يعرض حياته للخطر، وعليه أن يشير بوسيلة النقل المناسبة إذا استدعى الأمر ذلك.
وإذا لم تتوافر أسباب علاج مسجون بمستشفى السجن ورأى طبيب السجن ضرورة علاجه بمستشفى خارجي، وجب عليه أن يرفع تقريرًا إلى الإدارة الطبية بمصلحة السجون لتقرير ما تراه، أما في الحالات الطارئة أو المستعجلة، فلطبيب السجن أن يتخذ ما يراه ضروريّا للمحافظة على صحة المسجون، مع موافاة المصلحة بتقرير طبي عاجل منه. وإذا رأى الطبيب أن حالة المريض تستوجب أخذ رأي طبيب اختصاصي، وجب عليه استئذان مصلحة السجون في ذلك، ويؤخذ الإذن تليفونيّا في الحالات المستعجلة، ولطبيب السجن أن يأمر بقبول الأدوية التي ترد إلى المسجون من الخارج إذا رأى ضرورة لذلك. ويجب على الطبيب أن يكشف على جميع العاملين بالسجن وقائيّا مرة في كل خمسة عشر يومًا، للوقاية والتحصين ضد الأمراض، وعند قبول مسجون بالسجن يوضع تحت الاختبار الصحي لمدة 10 أيام لا يختلط خلالها بالمسجونين الآخرين، ولا يؤدى عملًا ولا يُزار، ويجب إجراء الفحوص والتحاليل الطبية اللازمة له خلال تلك المدة للوقوف على حالته الصحية، ثم ينقل بعدها إلى القسم المخصص له بالسجن ما لم يرَ الطبيب غير ذلك.
تتكدس سجون النساء في مصر بعدد كبير من النساء الذين يقضين عقوبتهن أو المحبوسات احتياطيًا على ذمة قضايا، ومن ضمن هؤلاء المعتقلات على خلفية سياسية. لا تختلف حالة سجون النساء عن سجون الرجال من حيث الوضع المعيشي المتردي وحالة حقوق الإنسان، بل تتميز هذه السجون بمزيد من الانتهاكات والقيود الداخلية التي تمنع السجينات السياسية – بالإضافة إلى مصادرة حرياتهن – عن الحصول على الحد الأدنى من الصحة والنظافة العامة والعلاقات السوية والبيئة الإيجابية والرعاية الطبية والعلاج الآدمي. في هذا التقرير، نعيد الانتباه مجددًا إلى نساء علت أصواتهن طلبًا لحقهن في علاج أجسادهن مما أصابها، ولم يسمع لهن أحد. من شابات صغيرة إلى سيدات كبيرة، عانت من غياب الاعتبار الإنساني لأوجاعهن، والاعتبار الطبي لإصابات وحالات مرضية تتفاقم، حتى باتت تشكل خطرًا على الجسد لا يمكن بعد ذلك إصلاحه، أو خطرًا على الحياة نفسها.
الإهمال المفضي إلى الموت جريمة :-
توفيت مريم سالم محمد 32 عام جراء الحرمان من الرعاية الصحية في السجن، وهي معتقلة من شمال سيناء لها أربعة أطفال، وابنة السيدة فريجة سالم سلامة المعتقلة كذلك. عانت مريم من تليف الكبد وارتفاع في نسبة الصفراء ولم تتلقى رغم معاناتها المستمرة الدواء والعلاج المناسب.
توفيت مريم سالم يوم السبت 21 ديسمبر 2019، نتيجة للإهمال الطبي المتعمد، ليفتح النظام سجل جديد للوفيات من النساء في السجون، يوضع إلى جانب مثيله للوفيات من الرجال. لم يكن تدهور الوضع الصحي لمريم محتومًا في حالة تلقي علاج مناسب، مثل حالة قريناتها من المحبوسات على خلفية سياسية. هذا التذكير، إنما يدعو لرفض أن يصبح القتل البطيء للمعتقلين والمعتقلات إجراءًا اعتياديًا في السجون.
معاناة السيدات مستمرة تحت رعاية السلطة :-
علياء نصر الدين حسن عواد، 34 عام، قبض عليها للمرة الثانية في يوم 23 من شهر أكتوبر لعام 2017 من معهد أمناء الشرطة عند حضورها جلسة التحقيق في القضية رقم 4459 لسنة 2015 جنايات حلوان والمعروفة إعلاميًا بقضية “كتائب حلوان” عندما قرر القاضي التحفظ عليها لحين الجلسة القادمة في القضية. حين تم ترحيلها لقسم حلوان أصيبت علياء بنزيف شديد وتم ترحيلها آنذاك لسجن القناطر والذي رفض استقبالها لسوء حالتها الصحية وأعادها مرة أخرى للقسم الذي أرسلها لمستشفى حلوان وبعد اجراء الكشف عليها تم اكتشاف إصابتها بورم في الرحم ثم تم ترحيلها مرة أخرى لسجن القناطر الذي أعادها بدوره للقسم ثانية فتم كتابة تقرير أنها لا تعاني من أي مشاكل صحية وعلى أثره تم قبول علياء عواد في سجن القناطر.
ظلت علياء في سجن القناطر تعاني من فقدان الوعي بسبب أنيميا شديدة نتيجة لنقص الهيموجلوبين الذي وصل إلى 6 حينها وأفقدها الكثير من وزنها. وقفت أمام القاضي يوم 23 مارس 2018 تبكي وتقول “هم عايزين يشيلوا الرحم انا عايزة اشيل الورم بس انا لسة بنت متجوزتش”. في هذه الجلسة لم تكن علياء قادرة على النهوض وكان جهاز نقل الدم في يدها. تدهورت حالتها الصحية أكثر وبعد مطالبات عديدة بالتدخل الجراحي من قبل محاميها أمام القاضي وتقديم شكاوى من قبل أسرتها تم إجراء عملية استئصال ورم من الرحم يوم 27 يونيو 2018. بعد ذلك أزالت علياء خراج مرة واحدة في نفس المكان، وتم إجراؤها دون استخدام مخدر من قبل الطبيب، أيضا تنظيف الجرح وتغييره دون استخدام بنج.
في يناير 2019 أصيبت علياء بنزيف مرة أخرى وبعد الكشف عليها كما ذكر تقرير السجن تم اكتشاف إصابتها بناسور شرجي. حينها تقدم المحامي للقاضي خلال انعقاد الجلسات بشكاوى عن وضعها الصحي وحاجتها للتدخل الجراحي العاجل لإزالة الناسور دون جدوى. تدهورت حالتها الصحية وسط تقصير من نيابة حلوان وتدخل من نيابة أمن الدولة ثم حددت عملية بميعاد 19 سبتمبر 2019 لإجراء العملية بمستشفى المنيل الجامعي ولكن لم يتم إجراؤها. في يوم 22 ديسمبر 2019 فقدت علياء وعيها في معهد أمناء الشرطة بسبب تدهور حالتها الصحية بسبب نزيف وعلى أثره تم تأجيل الجلسة ليوم 13 يناير 2020 وتم نقلها لمستشفى السجن التي تقبع بها حتى الآن.
نجلاء القليوبي، 72 عام، أطلق عليها أم المعتقلين لكونها أكبر سجينة سياسية تم الزج بها في السجن بالتزامن مع اعتقالات 20 سبتمبر 2019. لم يشفع كبر السن والمرض عند السلطات لتأمل وضع السيدة نجلاء، إذ تم القبض عليها من منزلها فجر يوم الثلاثاء الموافق 24 من شهر سبتمبر لعام 2019 وهي الأمين العام المساعد لحزب الإستقلال ، تعرضت للإخفاء القسري 12 يوما حتى تم عرضها على نيابة أمن الدولة العليا يوم 5 أكتوبر 2019 على ذمة قضية 1358 لسنة 2019 حصر أمن دولة بتهم تولي قيادة وإستخدام الإنترنت للترويج ونشر أخبار كاذبة وتم ترحيلها لسجن القناطر.
تعاني السيدة نجلاء من أمراض في القلب، غير أنها كانت قد أجرت عملية جراحية في الغدة النكافية لاستئصال ورم وتحتاج لراحة ورعاية دائمة ومتابعة وذلك غير متوفر في سجن القناطر(مكان الاحتجاز) أو في مستشفى سجن القناطر، حيث قيل لها “المستشفى مفيش فيها إمكانية لده”، وهذا ما عرض صحتها للتدهور.
ناردين علي، 21 عام، ظهرت في نيابة أمن الدولة العليا يوم 2 نوفمبر 2019 بعدما تم القبض عليها على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019 و تم إخلاء سبيلها في يوم 19 ديسمبر 2019 بتدابير احترازية وقامت النيابة بالاستئناف والذي رُفض فيما بعد وتم تأييد إخلاء سبيلها يوم 21 ديسمبر 2019 ولكن لم يتم تنفيذ القرار حيث احتجزت من قبل الأمن الوطني في الإسكندرية و تعرضت في مقرهم للضرب المبرح والتعذيب والتهديد ليفاجئ المحامون اليوم بوضعها على ذمة قضية جديدة رقم 1530 لسنة 2019 حصر أمن دولة بنفس الاتهامات وهي مشاركة جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة.
تدهورت حالة ناردين الصحية والنفسية حيث أنها تعاني من إكتئاب حاد واضطراب في الشخصية وتم إيداعها من قبل داخل مصحة نفسية لمدة 3 أشهر وكانت تخضع لعلاج في السجن في تلك الأيام التي سبقت إخلاء سبيلها ولم يراعى كل هذا ، في جلسة 26 يناير 2020، حضرت ناردين في حالة من الإنهيار وكأنها لا تصدق مايحدث معها ، تعرضت لتشنجات وإغماءات وظلت تبكي وتصرخ بشكل هستيري.
هدى عبدالمنعم، 61 عام، م القبض عليها من منزلها يوم 1 نوفمبر 2018 وتعرضت للإخفاء القسري 21 يوما لتظهر فيما بعد في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة قضية 1552 لسنة 2018 وتم ترحيلها لسجن القناطر ووضعها في زنزانة انفرادية ومنعها من الزيارة منذ هذا اليوم حتى الآن.
كتبت جهاد ابنة السيدة هدى “وصلتنا أنباء أن والدتي في مستشفى السجن مريضة جدا وأصيبت بحالة من الانهيار ولا نستطيع الإطمئنان عليها ، بأي حق نحرم من رؤيتها والاطمئنان عليها ؟! والدتي لم تفعل جريمة لتوضع خلف القضبان ، نريد التضامن معنا ومساندتنا لكي نقوم بإيصال صوتنا”.
وصل إلى أسرة السيدة هدى في يوم 14 من يناير 2020 أن إثر ألم شديد عانت منه في ركبتيها قال لها الطبيب “دفيها ونامي”، رغم أنها كانت لا تستطيع الوقوف ولا النوم بل الأسوا أنه لم يوقع الكشف الطبي عليها. استرسل في قول هذه الكلمات فقط، وعندما طلبت عمل أشعة تجاوب معها بسخرية ولم يهتم بعدها. تعاني السيدة هدى من جلطة أصيبت بها في قدمها اليسرى وإضافة لذلك أصيبت بخشونة شديدة في الركبة اليمنى أدت إلى عدم قدرتها على الحركة بدون عكاز الأمر الذي جعلها لا تقوى على الخروج في ساعة التريض في الممر الضيق المتاح ، كما أنها أبلغت إدارة السجن أن في حالة عدم توافر سيارة آدمية لنقلها لحضور الجلسة القادمة فهي مضربة عن حضور الجلسة لأن سيارة الترحيلات متعبة للغاية لحالتها خصوصًا مع مشكلاتها في الضغط والتوازن وأنها لا تقوى على الصعود لعربة الترحيلات فيقوم العساكر بحملها وهذا يؤذيها نفسيًا.
عائشة محمد خيرت الشاطر، 39 عام، هي أم لثلاثة أبناء. تم القبض عليها يوم 1 نوفمبر 2018 من منزلها هي وزوجها المحامي محمد أبو هريرة. تعرضت للإخفاء القسري 21 يوما والذي لاقت فيه أشد أنواع التعذيب الجسدي من الضرب والصعق بالكهرباء وأيضا للتعذيب النفسي وبالإضافة لكل هذا تتعرض للتنكيل نكاية في والدها خيرت الشاطر. ثم ظهرت فيما بعد في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة قضية رقم 1552 لسنة 2018 حصر أمن دولة وتم ترحيلها لسجن القناطر الذي أودعت فيه في زنزانة انفرادية متر في متر بدون مكان لقضاء الحاجة وتم منعها من التريض والزيارة حتى قررت الإضراب عن الطعام يوم 20 أغسطس 2019 وقطعته فيما بعد ذلك.
في هذا الوقت بدأت الحالة الصحية لعائشة خيرت الشاطر تتدهور. بخصوص ذلك تقدمت بالشكوى لإدارة السجن أكثر من مرة ولم يتم الاستجابة لها حتى ساءت حالتها بشكل كبير وإزاء ذلك تم نقلها يومي 8 و9 أكتوبر 2019 للمرة الأولى إلى مستشفى القصر العيني لإجراء فحوصات وتم إعادتها للسجن مباشرة. ثم نقلت للمرة الثانية في 31 أكتوبر 2019 وظلت في مستشفى القصر العيني حتى 6 نوفمبر 2019 وتم إعادتها للسجن مرة أخرى لحضور الجلسة الخاصة بتجديد حبسها والتي أحضرت إليها بعربة الإسعاف.
بعد عدة فحوصات تم اكتشاف أن عائشة تعاني من مضاعفات صحية سلبية كان أخصها حدوث فشل في النخاع العظمي أدى إلى نقص حاد في خلايا الدم مثل الصفائح وكرات الدم الحمراء بالتزامن مع نزيف وهي الإصابه الخطيرة التي إذا لم تتلقى العلاج المناسب أدت إلى الوفاة. كانت عائشة تتلقى أدوية لتنشيط الخلايا الأم بالنخاع العظمي وتتلقى العديد من العلاج المساند كنقل الدم والصفائح ولا يوجد أي تقرير عن تلقيها حتى لمضادات حيوية، رغم أن فحص النخاع العظمي يظهر أن الخلايا الأم لكرات الدم البيضاء المسئولة عن المناعة تكاد تكون منعدمة. تم نقل دم لها مما جعل جسمها يرفض نقل النخاع وهو العلاج الجذري لها، دون علم أسرتها. كان من المفترض بعد ذلك أن تنقل لمعهد ناصر لعلاجها ولكن لم يتم ذلك بل تم وضعها في غرفة انفرادية في مستشفى السجن دون أن يعلم أحد عن حالتها الصحية شيء ولا إلى أي حال قد تطورت.
أما عن سبب تدهور حالتها الصحية قالت والدتها “عائشة كانت تتمتع بصحة جيدة حتى تم الزج بها في سجن القناطر وما حدث لعائشة له عدة احتمالات، وأقوى هذه الإحتمالات وجودها في زنزانة ضيقة جدًا كانت بها بودرة لقتل الصراصير حيث كانت حبيبتى تضع رأسها بل جسدها كله وأنفها تستنشق البودرة التى ليس لها رائحة محسوسة وكذلك المبيد القاتل للناموس وكانت تضع هذه الأشياء خوفا من الحشرات في زنزانتها الضيقة التي لا تسع إلا فرشتها الأرضية التي تنام عليها والجردل بجوارها التي تستعمله مرغمة فى حالة عدم السماح لها بالحمام. ليس هذا فقط بل يزيد على ذلك للروائح من مياه المجارى التي كانت على الجدران وفي أرضية الغرفة”.
سولافة مجدي، 32 عام، تم القبض عليها من أحد مقاهي الدقي هي وزوجها حسام الصياد يوم 26 من شهر نوفمبر عام 2019 وظهرت في اليوم التالي في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019 وتم حبسها 15 يوما وترحيلها لسجن القناطر.
منذ فترة شعرت سلافة بالعديد من الآلام وعلى إثرها قامت بعمل تحاليل على حسابها الشخصي وظهرت نتائج هذه التحاليل كما قالت أسرتها “الصفائح الدموية عندها عالية”. طلب منها عمل تحاليل أخرى خاصة بسيولة الدم رغم أنها في الخارج لم تكن تعاني من أي آلام خاصة بذلك. أضحت أيضا تعاني من مشاكل في الحركة بسبب آلام في ظهرها وركبتيها نتيجة الضرب الذي تعرضت له عند القبض عليها وكذلك بسبب زيادة نسبة الرطوبة والجو القارس في العنبر. بالإضافة إلى ذلك، في الأيام الأولى لاعتقال سولافة أصيبت بنزلة برد وقاموا بإعطائها حقنة تسببت لها بحساسية جعلتها مريضة لأيام ولا تستطيع الحركة.
بدأت سولافة علاجا طبيعيا في السجن وقامت بعمل 3 جلسات على ظهرها والتي توقفت عن ذلك إثر علمها وجود حالات كثيرة مصابة بالإيدز في مستشفى السجن وحالات أخرى مصابة بفيروس سي مع غياب الرعاية الطبية اللازمة لهم.
سامية جابر عويس محمد، 56 عام، تم القبض عليها يوم 12 ديسمبر عام 2018 في تمام الساعة 11 صباحا من أمام المحافظة محل عملها في الفيوم ولم تستطع أسرتها معرفة شيء عنها سوى يوم 28 يناير 2019 حين تم عرضها على نيابة أمن الدولة العليا في القضية رقم 277 لسنة 2018. تم حبسها 15 يوما على ذمة هذه القضية وظلت في قسم الفيوم الجديدة حتى شهر يوليو 2019 تم ترحيلها لسجن القناطر.
بدأت السيدة سامية تعاني منذ 9 سنوات من عدة مشاكل صحية وهي في الخارج وأخذت في التدهور بالداخل نظرا لوضع وطول فترة الاحتجاز وعدم متابعة الطبيب بشكل دوري. من أبرز هذه المشاكل انفصال في شبكية العين اليسرى وعدم القدرة على الرؤية بشكل جيد، وبدأت المشكلة تنتقل لعينها اليمنى. تعاني السيدة كذلك من حساسية الأنف و ضيق التنفس أحيانا وحينها تنقل لمستشفى السجن لأخذ جلسات أكسجين وتزداد المعاناة في ظل ظروف الاحتجاز. كما تعاني من التهاب في العصب الخامس ما يسبب لها صداع في الرأس والعين بشكل مستمر، وهشاشة في العظام، ما يجعلها لا تستطيع الحركة بشكل جيد.
غادة عبدالعزيز عبدالباسط، 25 عام، تم القبض عليها عندما كانت بالفرقة الرابعة بكلية التجارة جامعة عين شمس والتي أنهت اختباراتها بالسجن. تم اعتقالها ليلا في تمام الساعة الثالثة يوم 11 مايو 2017 من منزل والدها بالقاهرة. ظلت رهن الإخفاء القسري شهرا كاملا. ولم تعلم أسرتها عن هذه الفترة سوى “أنها ظلت يومان مقيدة بالكرسي لا يسمح لها بالحركة حتى تركت الكلابشات علامة في يديها لدرجة فزع أحدهم من منظرها. قالت أيضا كان أحدهم يحمل إلكتريك قام بطرقه على يدها فتركت علامة بها مازالت موجودة إلى الآن”. تم عرضها على النيابة على ذمة القضية رقم 79 لسنة 2017 والتي تم تقييدها بعد ذلك برقم 137 عسكرية. وجهت لها تهمة الانضمام لجماعة محظورة ولكن بدون أي أحراز أو ادلة.
لم تكن غادة تعاني من أي مشاكل صحية في الخارج وكذلك منذ لحظة القبض عليها وحتى في الأشهر الأخيرة من العام السابق بدأت غادة تفقد وزنها. ترفض تناول الطعام لسوء حالتها النفسية كما أن حالتها الصحية أخذت في التدهور لا لشيء سوى للسنوات التي قضتها بالداخل فقد أضحت منذ ما يقرب من عام تعاني من التهاب في الأعصاب أي أنها كلما همت بحمل شيء لا تستطيع فعل ذلك، وتستيقظ من نومها لا تشعر بأطرافها. استمر هذا طويلا وبعد الكشف قيل أنه بسبب سوء الحالة النفسية. في شهر سبتمبر الماضي أصبحت تصاب بضيق في التنفس يتكرر مرة في كل أسبوع بسبب مشاكل في الرئة تبدأ بكحة ثم لا تستطيع أخذ نفسها وتفقد الوعي أحيانا فيتم نقلها للمستشفى ويتم وضعها تحت التنفس الصناعي كي تسترد وعيها.
علا يوسف القرضاوي، 59 عام، تم القبض عليها لكون والدها يوسف القرضاوي يوم 30 يونيو 2017 هي وزوجها أثناء قضائها المصيف معه في الساحل الشمالي. تم اقتيادها للأمن الوطني في الإسكندرية ومنه إلى نيابة أمن الدولة في التجمع الخامس الذي تم اتهامها فيه بالقضية رقم 316 لسنة 2017. تم ترحيلها لسجن القناطر وإيداعها زنزانة انفرادية متر في متر دون إضاءة أو تهوية وجردل مخصص لقضاء الحاجة. ظلت هكذا حتى يوم 3 يوليو 2019 إلى أن تم إخلاء سبيلها وفي اليوم التالي فوجئ المحامون بأن علا في نيابة أمن الدولة ويتم التحقيق معها بتهمة “استغلال علاقاتها في السجن لتمويل ودعم الإرهاب”. تم حبسها 15 يوم على ذمة التحقيق ، أعلنت علا خلالها الإضراب عن الطعام الذي ظلت فيه عدة أيام ثم قطعته لتدهور حالتها الصحية.
كان لتدهور حالتها الصحية تاريخ قبل ذلك، ففي يوم 30 أكتوبر 2018 رآها المحامون وقد فقدت نصف وزنها حتى أنهم قالو عن ذلك “رأيناها إنسانة أخرى” وذلك بسبب سجنها انفراديا في زنزانة متر في متر بدون مكان لقضاء الحاجة ما جعلها لا تأكل ولا تشرب خوفا من احتياجها لدخول الخلاء كما قالت هي أمام النيابة “أنا بخاف آكل أو أشرب عشان محتاجش الحمام”. وعن هذه الزنزانة قالت علا يوم 18 سبتمبر 2018 أمام القاضي ” إنني أعاني يوميًا في زنزانة غير آدمية”، بالإضافة لرداءة الطعام المقدم إليها وبالتالي كان له اثرا سلبيا عليها كما تم حرمانها من التواصل مع السجينات وذويها ووضعها في حجرة بجوار غرف المخصوص مما أثر سلبا عليها وأصبحت تعاني من مشكلة في الأعصاب. تتعرض علا لحالات من الإغماء، وفي جلسة 14 من شهر أكتوبر لعام 2019 وجدو تقرحات فى وجهها ويدها (احمرار جلدي وفى منتصفه تجمع صديدى) وعندما تم سؤالها عن ذلك أجابت ” أنا مش حاسة جسمى لأنه كله بيوجعنى، ومكنتش عارفة إيه اللى فى وشى عشان مش عندى مرآه بس شايفة اللى فى إيدى ورجلى. أنا فقدت الأمل فى خروجى، وفقدت الأمل في إن حد ممكن يسمعني ويوقف الظلم اللى بتعرض له”.
جميلة صابر حسن، 29 عام، تم القبض عليها مساء 27 فبراير 2019 أثناء ركوبها إلى منطقة المقطم من منطقة السيدة عائشة بالقاهرة، على خلفية حملات أمنية تبعت غضب شعبي من حادث قطار رمسيس. تم إخفاء جميلة قسريًا في قسم الخليفة لمدة 6 أيام تم التحقيق معها خلالها من قبل ضباط الأمن الوطني، قبل ظهورها في 4 مارس 2019 أمام نيابة أمن الدولة، على ذمة القضية 1739 لسنة 2018 حصر أمن الدولة، والتي اتهمتها بمشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها.
جميلة مريضة صرع مزمن منذ 2007، وهي تتابع علاجًا يوميًا، كان يباعد بين الفترات التي تتعرض فيها لنوبات الصرع، فقد كان العلاج يحافظ على انتظام صحتها وكان بعدها عن المؤثرات النفسية السيئة يجعل حالتها مستقرة. بعد القبض عليها وإخفائها قسريًا وترحيلها إلى سجن القناطر، مُنعت جميلة من الزيارات ومن الأدوية بما فيها علاج الصرع، وذلك لشهر ونصف، تحت علم إدارة السجن بحالتها المرضية. تدهورت صحة جميلة خصوصًا مع وضعها في عنبر الجنائيات، الذي يؤدي التوتر وارتفاع الأصوات فيه إلى تجدد نوبات الصرع لديها وتزايدها.
تم النظر لحالة جميلة وتشخيصها بعد مرور ثلاثة أشهر على هذا الوضع، وشخصها الطبيب كمريضة صرع، ورغم ذلك، لم يكن العلاج اللازم لجميلة متوافرًا بالسجن، هذا بالإضافة للأوضاع التي تساعد حالتها على التدهور، فأثر ذلك على شكل فمها وعلى قدرتها على الكلام، كما توقفت أطرافها اليسرى عن الحركة، وكانت نوبات الصرع تأتيها بشكل شبه يومي، مما جعل ترددها بين العنبر والمستشفى أمرًا متكررًا.
في كل المرات التي جُدد فيها حبس جميلة، كانت شواهد حالتها المرضية تظهر للجميع. يوم 8 يوليو 2019 أُحضرت جميلة وكان الدم متناثرًا على وجهها وملابسها وملابس زملائها وهي لا تقوى على الحديث والدماء تسيل من أنفها وفمها، فقال لها وكيل النيابة حين رآها “مالك إنتي تعبانة؟ دي نوبة صرع عادية وهتبقي كويسة. أكيد السجن مأثر عليكي نفسيًا. تلاقيكي بس عضيتي لسانك. إنتي مش عارفة إن بيجيلك صرع؟ مخلتيش العلاج معاكي ليه عشان تاخديه؟”. بعدها في جلسة 27 يوليو 2019 جاءت جميلة وملابسها ممزوجة بدمائها في معهد أمناء الشرطة وتقوم بكتم أذنيها بيديها لعدم قدرتها على تحمل سماع صوت الميكروفون. ثم في جلسة يوم 14 يناير 2020، جاءت جميلة للنظر في أمر تجديد حبسها وملابسها مضرجة بالدماء. لم تستطع يومها الوقوف وحدها فأحضروا لها كرسي للجلوس، ثم قالت للقاضي “أرجوك خرجني أنا تعبانة وبموت والدوا مبقاش بيجيب معايا نتيجة. أنا عارفة إنك حبستني المرة اللي فاتت بس أرجوك خرجني المرة دي أنا مش قادرة تعبت”. ولا تزال للمعاناة بقية.
تمتلئ السجون بقصص السيدات عن الإهمال الطبي، فبالإضافة للحالات السابقة، تعاني مروة مدبولي من ورم في الرحم، وميرفت حسنين من كسر في الكتف نتيجة التعذيب، وأمل عبدالوهاب من البواسير، وياسمين سالم من إصابة في قصف شمال سيناء، ووردة أمين تسير بعكاز وتحتاج إلى كشف عظام، وحسيبة محسوب التي تعاني من ورم في الرحم، وفاطمة الزهراء التي عانت من اكتئاب حاد وتم إيداعها بالمستشفى لمدة ثلاثة أشهر وأفرج عنها أخيرًا في الثالث من مارس 2020. وغيرهن كثيرات أخريات تعانين من إصابات وأمراض تتطلب رعاية طبية مستمرة إن لم يكن تدخل جراحي عاجل.
:خاتمة وتوصيات –
نطالب بالإفراج الفوري عن السجينات السياسيات كأول خطوة في سبيل العلاج. حرية الرأي ليست جريمة وهي حق يكفله الدستور والقانون، :والمرأة التي تكرمها السلطة في كل المحافل علنًا لابد ألا تكون ضحية لسياسات مناقضة، لذا يطالب مركز بلادي بـ
1- الإفراج الفوري عن الحالات الصحية العاجلة للسجينات السياسيات.
2- الإفراج الفوري عن نجلاء القليوبي وسامية شنن وهدى عبدالمنعم حيث تعدين جميعهن سن الستين عامًا.
3- فتح تحقيقات شفافة في وقائع الحرمان من الرعاية الطبية في سجون النساء يشرف عليها المجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس القومي للمرأة ولجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب وقطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية.
4- السماح لمنظمات المجتمع المدني المصرية والعالمية بالإشراف على انتهاكات السجون.
لنجعل من اليوم العالمي للمرأة تذكيرًا بكل امرأة تحتاج الدعم والمناصرة والتأييد في قضية حريتها، قضية صحتها، قضية حياتها وحياة كل من حولها. ولنستمر في المطالبة بحقوقهن وحرياتهن حتى تتم استعادتها.
للاطلاع على تقرير عالجوهنَّ: مصريات تحت وطأة الإهمال الطبي في السجون