مع تصاعد الدعوات الدولية والحقوقية للحكومات بضرورة الإفراج عن المعتقلين السياسيين والتقليل من حدة التكدس داخل السجون في ظل انتشار جائحة فيروس كورونا، اتخذت السلطات المصرية بعض الخطوات التي تنذر بالخطر في الاتجاه المعاكس. وتشمل إجراءات الدولة المصرية، إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي عن القانون رقم 19، في مارس ٢٠٢٠، والذي يحظر بموجبه الإفراج الشرطي عن المعتقلين في قضايا التجمهر والإرهاب. قبضت السلطات المصرية على 30 سيدة منذ بداية العام، منهن 18 سيدة لا تزال تحت وطأة الحبس الاحتياطي، إضافة إلى قيام السلطات بحملات اعتقال على إثر مطالبات بالإفراج عن السجناء بسبب الوباء.
وتستمر السلطات الأمنية باعتقال ما يقارب 143معتقلة سياسية وفق آخر إحصائيات مركز بلادي للحقوق والحريات، موجهة إليهن تهم عديدة تتعلق بالإرهاب، التظاهر غير المشروع والسعي لقلب نظام الحكم. وتتوزع المعتقلات على عدد من مراكز الاحتجاز، المعروفة بغياب الظروف الصحية والمعيشية المناسبة. حيث وصفت الأمم المتحدة في تقرير صادر في عام ٢٠١٩ السجون المصرية بالقذرة وغير الصحية، منوهةً إلى المعاملة المهينة وغير الإنسانية من قبل السلطات المصرية تجاه المحتجزين في سجونها.
ومع بداية انتشار جائحة الفيروس أطلقت منظمة العفو الدولية نداءً عاجلًا إلى السلطات المصرية، مطالبًا إياها بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين في مصر. وحذرت المنظمة السلطات المصرية من تحول السجون المصرية إلى بؤر انتشار للفيروس، مشيرةً إلى استحالة تحقيق شروط التباعد الاجتماعي في ظل معدلات التكدس غير المسبوقة داخل السجون المصرية وضعف المرافق الصحية والخدمية داخل مراكز الاحتجاز.
استطاع مركز بلادي تأكيد تلك المعلومات من خلال شهادات حديثة لمعتقلات مفرج عنهنًّ حديثًا من سجن القناطر، حيث أشارت إحدى السيدات إلى أن بعض الجنائيات احتجنّ للنوم في دورات المياه مع وصول أعداد النزيلات إلى قرابة المئتين في مساحة قدرها 5 أمتار في 20 متر. بينما أشارت سيدة أخرى عن تجربتها في أحد أقسام القاهرة، مشيرة إلى أنها قضت فترة احتجازها مع 44 سيدة في مساحة قدرها 4 أمتار في 5 أمتار.
تتسم السجون المصرية برداءة البنى التحتية والمرافق الصحية والخدمية، في ظل الغياب الكامل من قبل الجهات الحكومية في هذا الصدد. فيما حذرت إحدى المفرج عنهن مؤخرًا أن غياب شروط النظافة، إضافة إلى الاكتظاظ الحاد وانعدام وسائل التهوية داخل العنابر سيؤدي إلى انتشار الفيروس بين النزيلات بسرعة قياسية.
وذكرت إحدى السجينات أن القرار الحكومي المفاجئ بتعليق الزيارات في كافة السجون بتاريخ ١٠ مارس ٢٠٢٠ كإجراء وقائي لمنع انتشار فيروس كورونا، أدى إلى حالة من الذعر داخل العنابر، حيث قامت بعض السجينات برش الكلور على الأسرّة بشكل مباشر ومركز مجازفات بمشاكل اختناق ومشاكل جلدية.
تعود حالة الهلع داخل السجون إلى غياب دور السلطات في توعية النزيلات عن الفيروس وكيفية الوقاية منه. إضافة إلى عدم قيام السلطات المصرية بإجراءات وقائية كافية، مع انحسار عمليات التعقيم على عدد من مراكز الاحتجاز. بالإضافة لمنع إدارة السجون في مصر من دخول مستلزمات النظافة الشخصية عن طريق الزيارات، مقابل توفير الكلور في أكشاك البيع بأسعار استثمارية.
يطالب مركز بلادي السلطات المصرية بإنهاء اختصامها السياسي للنساء والإفراج الفوري عن جميع المعتقلات السياسيات في مصر، في ظل غياب الشروط الصحية وعجز الدولة عن تأمين سلامتهن الشخصية. ويؤكد المركز على أهمية التزام الدولة المصرية بالتوصيات الصادرة عن المنظمات الحقوقية المحلية والدولية في إدارتها لمراكز الاحتجاز في ضوء انتشار فيروس كورونا، ويحملها مسؤولية النتائج المترتبة على الفشل في ذلك من مخاطر على حياة المعتقلات، وإمكانية تحول السجون إلى بؤر لانتشار الفيروس في جميع أنحاء مصر.
وعليه نقدم التوصيات التالية:
العمل الفوري على إنهاء حالة التكدس في أماكن احتجاز السيدات ، لتطبيق الشروط الصحية الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية، والمتمثلة بتطبيق التباعد الاجتماعي بين الأشخاص بمسافة ٢ متر.
تطبيق الإفراج غير المشروط على الحالات الصحية المزمنة، وكبار السن، والمسجونات اللواتي لا يشكلن خطر على الأمن العام.
تعليق العمل بالقانون رقم القانون رقم 19، في مارس ٢٠٢٠، والذي يحظر بموجبه الإفراج الشرطي عن المعتقلات في قضايا التجمهر والإرهاب، لما يشكله من عائق قانوني أمام تقليل حالة التكدس في السجون.
الإنهاء الفوري لحملات الاعتقال السياسي للنساء في مصر نظرًا لما يمثله من انتهاك ومجازفة بالصالح العام والصحة العامة.
التوزيع الفوري لمواد التنظيف الشخصية على السجينات بالمجان، والامتناع عن بيعها بأسعار استثمارية من قبل مراكز البيع داخل السجون.
تنفيذ حملات توعية داخل مراكز الاحتجاز عن فيروس كورونا، شروط انتشاره وطرق مكافحته. امتثالًا لحقوق السجناء في المعرفة، وبهدف احتواء حالة الهلع.
القيام بإجراءات وقائية شاملة داخل مراكز الاحتجاز، تشمل تعقيم العنابر والأقسام وتطوير مرافق السجون الخدمية والصحية، إضافة إلى توفير الدعم الطبي الكامل للحالات المرضية داخل السجون
تحسين شروط التهوية داخل العنابر وزيادة ساعات التريض والتعرض للشمس.
9.السماح لكافة السجينات دون استثناء بمكالمة تليفونية واحدة اسبوعيًا على الأقل تطبيقًا للمادة 38 من القانون 106 لسنة 2015 والمضاف
لقانون تنظيم السجون، لإتاحة الفرصة للإطمئنان على ذويهن أثناء فترة مكافحة جائحة الفيروس.
للاطلاع على ورقة أطلقوا سراح المعتقلات وامنعوا تفشي وباء الكورونا في أماكن احتجاز النساء